Tuesday, July 29, 2014

عيد.. بأي حال عدت يا عيد؟


استيقظت يوم العيد وكلي حنين لليمن، حلمت بأطفال حارتنا الذين يدقون أبواب بيتنا من الصباح الباكر مطالبين حقهم "بالجعالة والعسب".

وبعيون نصف مفتوحة مسكت بهاتفي وتصفحت بعض الرسائل التي وصلتنا على الوتس أب، وتذكرت العذاب الذي يمر فيه كثير من أطفال اليمن و غزة وسوريا والعراق في هذا اليوم، فشملني حزن كئيب، وفجأة فتحت رسالة فيها صورة عجيبة. حدقت فيها مليا ولم تصدق عيني ما رأت، وقلت في نفسي لعلي ما زلت في نوم عميق. ولكنها كانت الحقيقة، التفت إلى زوجي وعرضت عليه الصورة:
"يشبه علي عبد الله صالح ، أو لا مه ؟
أمسك بها وتمعّن في الصورة "عزيزتي.. هذا علي عبد الله صالح!".
"مستحيل.." قلت ناهضة من الفراش
"نعم انه هو حتى شوفي علي محسن في الصورة ايضا"
"أيوا علي محسن اتعودنا نشوفه مع الرئيس هادي.. بس صالح هذا جديد. اكيد عملوا فوتوشوب وغيروا الصورة."

قمت بالبحث في الانترنت ووجدت انها صورة حقيقية. صورة مِما سمّوه بـ "عيد المصالحة" كما عرض على قناة اليمن. ففي يوم العيد أدى الرئيس هادي صلاة العيد بجامع الصالح، وعلي يمينه الرئيس السابق علي عبد الله صالح وعلى يساره مستشاره العسكري علي محسن الأحمر. أقاموا الصلاة في نفس الجامع الذي قدر تكلفته حوالي ٦٠ مليون دولار في بلد يعد الأفقر في المنطقة وهو نفس الجامع الذي حاصرته قوّات عسكرية قبل أسبوعين معززة بمدرعات وأطقم .

ولكن كان هذا قبل اسبوعين.

يوم العيد نقلت وسائل الإعلام الرسميّة بأن العيد "جاء بالجديد" كما وقد دعا الخطيب كما يبيّن هذا الفيديو  إلى ضرورة التكاتف والاصطفاف الوطني خلف الرئيس هادي للخروج من الأزمات التي يتعرض لها الوطن.

ولكن هل فعلا جاء هذا العيد بالجديد؟ الحكومة الانتقالية ليست "بجديدة" فأغلب اعضاءها من النظام القديم، وهذا بالتحديد السبب الأساسي الذي جعل أغلب النشطاء المستقلين يكونون ضد المبادرة الخليجية التي كرّست النظام القديم في إطار تغيير "تجميلي" ولكن الجوهربقي نفسه. وبالتالي السؤال الذي يطرح نفسه.. كيف ستخرج اليمن من الأزمات مادام صانعو هذه الأزمات هي الحاكمة. 

الذي يعرفني سيعرف انني من قبل ثورة ٢٠١١ كنت ضد النظام العسكري القبلي الذي طالما حكم اليمن. وفي ٢٠١١ انضممت إلى الثورة ، وخلال الأيام الأولى الجميلة التي قضيناها في الساحة خلقنا شبكة من النشطاء الذين يؤمنون بالمواطنة المتساوية، الحرية، والعدل وآمنا بان "اذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر" ولكن يبدو أن الشاعر أبو القاسم الشابي لم يعش في زمن البترودولار.

وبينما كانت الصورة مفاجئة خصوصا بعد المعارك السياسية بين جبهة هادي وجبهة صالح إلا ان بعض المحللين لم يستغربوا من التوقيت فقد جاءت المصالحة بعد سقوط عمران بيد أنصار الله (الحوثيين) ومقتل قائد أكبر الوية الجيش العميد القشيبي (المقرّب من علي محسن) وبعد زيارة الرئيس هادي الى السعودية .

يسأل الكثير هل هي مصالحة حقيقية؟ ولكن ما معنى المصالحة عندما تكون فقط انتصارات سياسية بعيدة كل البعد عن أمال ومتطلبات الشعب. المصالحة يجب ان تكون مصالحة مع الشعب تبدأ بتلبية الحد الأدنى من متطلباته من ماء وكهرباء ووقف العنف وصرف صحي الخ. ولكن المصالحة لن تعني تلبية للحقوق الأساسيّة وإنما تعني بأن الحكومة تقسم الغنائم فيما بينها وهذا التحالف الجديد رمز لانتصار الثورة المضادة.

 لا أدري كيف سننظر إلى وجوه أهالي الشهداء.. ماذا سنقول لهم؟ عفوا خذلناكم؟

صدق المتنبي عندما قال: 
   عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ          بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ

1 comment:

Unknown said...

"عفوا خذلناكم؟"
بل اعترفوا بحماقاتكم وانصيعكم لمخططات ناجحه